ألمح فى لغة بعض الشباب خاصة ممن يسمون أنفسهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى ملامح سلوكية وتشوهات نفسية خطيرة تجاه كبار السن، لغة طارئة وغريبة على ذهنية المجتمع المصرى الذى كان فى الماضى للشيخ والعجوز والكهل فيه احترام وتقديس وتوقير ومكانة وقيمة رفيعة، هذه اللغة بدأت مع استفتاء الدستور، وتصاعدت حدتها وتطورت مع الانتخابات الرئاسية حتى وصلت إلى لغة سافلة ومنحطة وقاسية ومتجاوزة لأبسط الأعراف الإنسانية والغرض توصيل رسالة سياسية ملخصها أنه لا يقف مؤيداً لـ30 يونيو سوى العواجيز والكهول والمسنين، فيكفى أن تقرأ لناشطة سياسية قولها على «تويتر» تعليقاً على صورة رجل عجوز ذاهب للانتخاب بأنه «عاش سبعين عاماً كالكلب عبداً واليوم يذهب لانتخاب السفاح» وتدعو الله أن «ينضف» البلد من أمثال هذا الحاج!!، وناشط آخر يقول إن تنظيماً قد تشكل تحت اسم تنظيم الشواكيش سيكسر ركب كل العواجيز اللى واقفين فى الطابور واللى نازلين ينتخبوا السيسى!!، معقول هذه الروح؟!، معقول هذا الكلام؟!، معقول هذا الخراب الروحى والتشوه النفسى والعوار الأخلاقى الذى وصلنا إليه؟!، فى الوقت الذى يتجه فيه العالم كله إلى الطبطبة على كبار السن وزرع البهجة داخلهم، نشتمهم نحن ونسبهم ونمرمط بكرامتهم البلاط ونقسو عليهم ونتهمهم بالعمالة والعبودية وتدعيم الديكتاتورية إلى آخر هذا الهراء، هذا مؤشر خطير ومفزع فبعد أن قسمنا الإخوان إلى مسلمين وغير مسلمين، وإخوان وغير إخوان، وربعاوية وعبيد بيادة، وانقلابيين وبتوع شرعية، قدموا إلينا من خلال هؤلاء النشطاء هديتهم الشريرة الأخيرة وهى تقسيمنا إلى شباب وعواجيز، بالطبع لا أعفى بعض المثقفين الذين كانوا أول من نفخ فى هذه النار بعد 25 يناير وطالبوا بإزاحة كل كبار السن من الساحة السياسية، وتطرف بعضهم وطالب بإزاحتهم من الحياة نفسها وإيداعهم بيت المسنين!!، ولا يوجد مجتمع فى العالم مصاب بتطرف التقسيم مثل مجتمعنا، إما هذا وإما هذا، أبيض أو أسود، إما ثورة شباب وإما ثورة عواجيز!!، لا يوجد مجتمع شبابه هو الذى يبنيه فقط أو كباره هم الذين يشيدونه فقط، لا ينفع أن نتعامل مع الكبار كخيل الحكومة فنضربهم بالرصاص، والثورية ليست حالة حكراً على الشباب وليست كارنيهاً يصرف لمن هم تحت سن معينة، وليس كل ما يفعله المتحمس صدقاً وليس كل ما يفعله الهادئ الرزين تقاعساً. عيب وجريمة وتجاوز وكارثة أن تزحف تجاعيد القسوة والجهامة على أرواحنا بتلك الصورة ويصاب قطاع من مجتمعنا بكراهية كبار السن إلى هذه الدرجة التى تصل إلى درجة العصاب والهستيريا بسبب تلك الملعونة التى اسمها السياسة، فلتذهب السياسة إلى الجحيم إذا كانت ستشيد على جثة العواطف والأرواح.